Header-Embaby
جامع الحسين

الميلاد والنشأة

      ولدت في حي الجمالية بالقاهرة، لأسرة تمتد جذورها إلى جنوب دلتا نهر النيل، ثم انتقلنا إلى حي شبرا، وفي العاشرة من العمر أضطرتنا ظروف قاهرة، للعودة إلي مسقط رأس الأسرة، قرية (سدود)، أحدي قري محافظة المنوفية. 
اتاحت تلك الهجرة الاضطرارية المعاكسة من المدينة إلى الريف، التعرف على حياة الفلاحين في زمن كان لا يزال تعبيرا أمينا عن البيئة الريفية، الاجتماعية، والاقتصادية، والثقافية، ووسائل الانتاج البدائية التي كانت سائدة خلال القرون التي سبقت دخول الفلاح المصري عصر الحداثة والمعاصرة.
رواية الحرب والسلام

حلم حياتي أن أصير روائيا

في تلك الظروف أمضيت طفولة مبكرة، ومنذ ذاك الحين تمكن مني حب القراءة بصورة خَلاَّقة، وفي الرابعة عشر عدنا إلى القاهرة إلى منزل يملكه جدي (لأمي)، في أحد أحياء شبرا الشعبية، وأنا أحمل داخلي أسئلة كثيرة عن معني العدالة والحرية، خيارات الانسان وامكانية مواجهة قدره، أدمنت التردد على المكتبة العامة في شارع طوسن بشبرا والتي مثلت نافذة مشرقة على الأدب والثقافة العالمية، في ذاك الوقت كانت السينما العالمية والمصرية طاقة ملهمة من الخيال انفتحت على العالم، وروح البطولة والجمال الانساني، حين يكون هناك بشر تعساء، وبعد رحلة متواصلة مع عالم الكتاب، وفي ذات العام أصبح لدي يقين بأن حلم حياتي أن أصير روائيا، مق الوقت ترسبت لدي قناعات أن مرشدي في رحلتي مع الرواية سيكون الأدب العالمي، وأن آكون مخلصا له ولقضاياه الانسانية الكلية والخاصة، من خلال ذلك الشغف المتعلق بهموم الجماعات البشرية، وصراعاتها الطاحنة بين الحق والباطل، وتاريخ صعود الامبراطوريات وسقوطها، ومعالم الشعوب والجماعات الانسانية وسماتها.
على صعيد موازي كان شغفي يتركز في التعبير عن إشكاليات وأزمات الإنسان المصري؛ آلامه، همومه، أحلامه، وتوقه الذي لا ينضب إلى تحقيق عالم  يتنفس في فضائه جناحي الحياة المؤسسة على قيمتي  العدالة الاجتماعية والحرية الفردية. واللذان يشكلان معا جوهر الكرامة الانسانية والحياة السعيدة.
الحركه الطلابيه

هزيمة يونيو 1967

في الخامس من يونيو ١٩٦٧ زلزل الوطن هزيمة الجيش المصري الساحقة آمام العدو الإسرائيلي، وتهاوت مصداقية النظام الناصري الي الحضيض، ومنذ تلك اللحظة تضافرت الدراسة في كلية الهندسة جامعة عين الشمس مع الفطام السياسي لجيل السبعينيات() من النظام السياسي الناصري، ومن السطوة العاطفية للزعيم، وتمازجت مقاعد الدراسة في قاعات المحاضرات مع الانخراط في الحركة الطلابية التي تبنت المطالب الوطنية والاجتماعية والسياسية، الممثلة في الحرية والديمقراطية والعدالة الاجتماعية واستقلال الاتحادات الطلابية، وفي قلب منها المطالبة بالحرب من أجل تحرير الآجزاء التي احتلتها قوات جيش الدفاع الإسرائيلي من الوطن. باعتناق نمط حرب التحرير الشعبية
مارست الحركة الطلابية أعلي مظاهر التمرد، من مقالات وممرات الصحافة الحرة، وأمسيات الشعر والغناء الوطني، والمؤتمرات إلى الاعتصام والإضرابات داخل الحرم الجامعي، إلى الخروج إلى الحارات والشوارع للتعبير عن الرأي، والمظاهرات التي لم تتوقف لتحقيق المطالب الوطنية برفض كافة الحلول السلمية التي تبنتها سلطة السادادت، بخوض حرب التحرير،، والمطالبة بالإفراج عن زملائهم المعتقلين. ولم تتوقف الحركة الطلابية عن ممارسة الضغوط السياسية والشعبية حتي أضطر النظام (تحت الضغوط الشعبية ولأسباب أخري) إلي دخول النظام السياسي الحرب غي أكتوبر 1973.
وعندما تكشف الدهاليز عن الوقائع التاريخية سوف يستقر فيً وجدان السياسي والوطني حقيقةً ان هذا الجيل هو من اجبر النظام على دخول حربا  يخشي نتائجها بعد ان قطع مراسيه مع حلفاءه، ووضع مفاتيح الأمة بين يدي اعدائه.
ونحن في العشرين من العمر قادنا عشق الوطن إلى سجون النظام ومعتقلاته، والأضربات عن الطعام، ولم يكن.
وبسبب التغيرات الاجتماعية التي أعقبت هزيمة يونيو 1967، تخطت المهمة الروائية لدي روائي لم يبدأ الكتابة (حدود التعبير عن العالم؛ شخصياته وأحداثه)، إلى الشغف بالمفرط بتلك المحاولات المتواصلة الدؤوبة لفك طلاسم الشخصية المصرية، والدوافع التي تجعلها تتصرف على نحو ما. والدأب القهري على فهم اللغز الانساني الحاص بالجماعة المصريةالعريقة في الماضي، المأزومة في الحاضر.
الفلاح المصري

أسئلة الهوية

ربما كنت الكاتب الوحيد الذى أجبرته ظروفه الخاصة على القيام بتلك الهجرة المعاكسة من المدينة أبنة القيم الفردية، والحياة السريعة، وبيئة من الازدحام الضوضاء والصخب، والمدي المكاني المكبوح بالشوارع الضيقة والعمارات الشاهقة والزمن السربع، اإلى الريف حيث الأفق لا حدود له، وزرقة السماء تملأ العين بالسحب والقمر والنجوم والمطر والشفق المخيم على بسط خضراء وبيضاء وذهبية، والليل يمضي على أضواء مصابيح الجاز وحكايات الجنيات والجان، وأساطير الأولين، والفلاحون تتناوبهم مشاعر الطيبة والعمل الجاد والصلاة في الجوامع طبقا لما تيسره لهم ظروف العمل ومواسع العزيق والري والبذر والجني والحصاد، والزمن يومه كالدهر، وعامه كالأبدية.
وقد أتاح لي الاندماج في حياة الفلاحين المادية والقيمية والثقافية وأنا بعد في العاشرة من العمر من لمس العصب العاري لحياة الفلاح المصري، وكان هذا على الصعيد المعرفي والوجداني بمثابة امتلاك لغصن المعرفة الذهبي للجماعة المصرية، ما كان له بالغ الأثر في تشكيل وعيي ورؤيتي الانسانية للحياة، وعندما حلت هزيمة يونيو 1967 أصبح مفهوم الهوية على رأس الأسئلة والشغل الشاغل لدي في الرواية والفكر، ومن المعروف أن ثقافة الفلاحون المصريرن ورؤاهم للحياة والكون، تعد البنية التحتية الثقافية للطبقات الاجتماعية المختلفة في الريف والمدينة. 
هكذا تمكنت من كتابة رواية ”نهر السماء“ ، ورواية ”شرف الله“ ورواية ”مراعي القتل“. وكتاب ”شرائع البحر الآبيض المتوسط القديم“.
العرس

الرواية الأولي

انتهيت من الدراسة عام ١٩٧٤ وانتقلت للعمل في ليبيا والتي مثلت الصدمة الثانية بعد هزيمة ٦٧، اذ بدت جلافة وفَظَاظَة وقساوة البدو وغِلْظَتهم على مئات الآلاف من الفلاحين والعمال المصريين شديدة العُنْف و البَطْش. الخارجين لتوهم من قسوة الحرب ونتائجها المدمرة على الحياة الاجتماعية والنفسية للمصريينبدا هذا العالم بيئة محفزة للشروع في تحقيق حلم ومهمة أن أكون روائيا، الان وليس غداوهكذا شرعت في الكتابة…  كنت أتوجه لعملي كمهندس في الصباح الباكر، السادسة صباحا  واعود في الخامسة مساء لانكب على الكتابة دون توقف، وعندما بدا لي أن ثمة شيء فني يتشكل، توقفت عن الذهاب الي العمل لمدة تقارب الستة أشهر متواصلة، متفرغا للكتابة، ونتج عن التجربة المسودات البدائية الأولي لرواية مراعي القتل.
في يوليو 1977 انتقلت للعمل في العراق، وفي مدينة عينكاوة الساحرة الواقعة شرق مدينة اربيل، وفي منزل يقع على سهب عنكاوة كتبت روايتي العرس والعلم، قبل ان ارحل في رحلة حول اوربا استغرقت عام ونصف العام انتهي بي المطاف في لندن، عملت غاسل صحون وشيف ومدير في المطاعم الانجليزية، واصدرنا مجلة أطلقنا عليها اسم المصري”. نشرت فيها أولي أعمالي الفنية يوميات وشر اباي يوميات غاسل صحون.
في عام 1979 عدت من الخارج، وفي عام ١٩٨٠ نشرت رواية الْعُرْسٌ أول الأعمال الروائية (طبعة ماستر )، 
مترو الانفاق

مهندس أنفاق

في عام ١٩٨٢، التحقت بالعمل في إنشاء شبكة انفاق القاهرة الكبري وكنت من أوائل المهندسين الذين عملوا بجهاز مترو الانفاق الذي تحول فيما بعد الي هيئة حكومية مستقلة عن السكك الحديدية تحت اسم الهيئة القومية للإنفاق،
في يونيو بدأت العمل في إنشاء الخط الأول من شبكة مترو انفاق القاهرة الكبري، كانت القاهرة آجمل مدن العالم قد خرجت من الحروب المتواصلة مدمرة ،رغم أنها لم تطلق عليها قذيفة واحدة، لكنها بفعل الانهيار الاقتصادي والحربين الأخرتين (يونيو 67& أكتوبر 73) أصبحت مدينة تاكلت وتهاوت بنيتها التحيتة وتحولت إلى خرائب تغطيها عمارات حديثة من الخارج، ولم تكن الخرائب تقتصر على البني المادية، وإنما امتدت لخراب النفوس، وكان التحول إلى اقتصاد السوق تحت دعوي الديمقراطية والانفتاح الاقتصادي قد حول غالبية المصريين إلى مشاركين ومساهمين في ثقافة واقتصاد الفساد، هل كان مقصودا، أم عن خطأ وقصور في الخبرات؟
وجوهر فلسفة الأنفاق من الناحية الإنشائية هو تنفيذ مسار حر لسير القطارات ومحطات تضم أرصفة وخدماتها للركاب. يتم عزله عزلا مطلقا من أي تقاطعات مع وسائل نقل أو المشاة. وهناك ثلاث أنواع من المسارات المعزولة، ومنها:
آولا: الأنفاق (الأصعب] ويتم عبر زرع جسم خراساني عملاق في باطن مسارات الطرق الرئيسة وذلك باقتطاع قطاع حوال إما مستطيل: عرضه (00.12 م بطول مسار القطارات،.  (25- 35م) أو أكثر بطول المحطات، أو قطاع دائري قطره 9.5 م بطول المسار، و(25- 35م) أو أكثر بطول المحطات.
القطاع المستطيل: قطاع ثانيا: إنشاء مسار سطحي فوق سطح الأرض مباشرة، يتم عزله بواسطة الأسوار على جانبي المسار، عزلا كاملا بعرض يترواح بين (إ
ثالثا: إنشاء مسار علوي فوق سطح الآرض (كباري علوية تضم مساز المترو والمحطاحات. وجميعها تعد من المسارات الحرجة والمزدحمة فوق وأسفل سطح الأرص مثل [شوارع رمسيس / شبرا/ الجمهورية/ إلى آخره.)، قد يكون على هيئة متوازي مستطيلات بقطاع  يقتطع من الباطن الطريق حوالي أكثر من مائة متر مسطح على امتداد المسار في حالة النفق، وحوالي (1500.00 م مسطح بطول حوالي 150 متر طولي.
وفي مدن متخلفة مثل القاهرة كان إنشاء الأنفاق تحديا فنية واجتماعية غير مسبوقة، ومنها:
التحدي الأول: كيف تشيد جسما خرسانيا هائلا في باطن الأرض وسط أرض تفيض بالمياة الحوفية.
التحدي الثاني: الحفر لأعماق تترواح بين (16 م إلى 60 متر) مباشرة بجوار عمارات ومنشات إما قديمة متهالكة، أو ترتفع لطوابق عديدة، وهي حتما معرضة للسقوط.
التحدي الثالث: زراعة جسم عملاق داخل معدة (شوارع منتصف المدينة بالقاهرة) متخمة بعشرات المواسير والكابلات من كافة الأقطار والأنواع والكتل الخراسانية وأعمدة المرور والإضاءة، الغير معلوم عنها شيئا.  
التحدي الرابع: في ظل سياسية الانفتاح الاقتصادي التي تروج للفساد، تندت أخلاق الغالبية من المصريين بصورة لم يسبق أن شهدتها مصر في العصر الحديث، وتحولت الإدارات والهيئات الحكومية وشركات القطاع العام إلى مرتع وبيئة خصبة للفساد، الذي حل مصحوبا بالجهل والنفاق.
هذا ما جعل العمل شاقا رائعا ومشبعا لقدراتي وامكاناتي كمهندس في الجانب التنفيذي والإداري، في ظل ظروف وأحداث تحتاج لرواية وحدها، وفي عام 1986 حصلت على دبلومة تخطيط النقل من المعهد القومي للنقل، بدرجة امتياز، وكان موضوع البحث (استخدام الخبرات المصرية في الخط الثاني لمترو الـزنفاق،
وانتهيت في الوقت نفسه من كتابة ونشر رواية نهر السماء، على نفقتي الخاصة واقتطع الناشر الف جنيها لنفسه، قام الصديق فخري عبد الغفور بدفعها إلي المطبعة.
وفي عام 1989 حصلت على دبلومة تخطيط الإنفاق من جمهورية ألمانيا الاتحادية، وفي تلك السنة تمكنت من إعادة كتابة المسودة الاولي لرواية مراعي القتل ، بعد أن ألقيت بمئات الصفحات التي سبق وأن كتبتها في ليبيا. وحصلت أيضا علي درجة مدير عام، 
نشرت رواية مراعي القتل عام 1993، وحازت على جائزة الدرلة التشجعية باجماع المحكمين، وكان هذا آول وأخر عهدي بالجوائز.
مسلسل طيور الشمس

سيناريوهات

كتبت عددا من السيناريوهات لا زالت في درج المكتب، سيناريو وحيد شاء له الحظ أن يخرج إلي النور بفضل كل من السيدة الرائعة (……. )، والإعلامي الكبير النَزيه رئيس قطاع الانتاج في التليفزيون المصري (زكي ….. ).
وقد لاقي نجاح واسع رغم قيام شخص ما من شركة الانتاج أو الطاقم الفني (لا أعرف) بالتدخل  في تغير أحداث وشخصيات تمثل حوالي (20٪) من المسلسل، الذي كان قدا وافقت عليه الرقابة قبلا. (وكنت أثنائها مريضا أجري عدة عمليات حرجة وخطرة في شبكية العين) تشويهه، إذ كنت أجري عمليات في العين. وتلك كانت إحدي الجرائم الكثيرة التي واجهتها، فالجزء الذي جري استبدالة كان يمثل (بالنسبة لي) رؤية كلية يتمثل في وحدة وطنية بين كافة طبقات المجتمع المصري في مواجه حرب المخدرات وانتشار الهوروين التي كانت منتشرة بين طلاب المدراس في ذاك لاوقت حول الدستور:
أشكركم لمحبتكم وعناء تحملي، أتمني أن تستمتعوا وأعلموا أن دعمكم مهم للغاية، فالحياة ليست نزهة علي شاطي، ولهذا انصحكم بأن تتبعوا أحلامكم التي تقودكم إلى السعادة، وكل من يصر على طريقه ويناضل تلك العقبات ومناخ الاستبداد والفساد الذي صرنا نتفسه، لابد وأن يحصل على الأفضل.
ولا تنسوا أن السعادة والبهجة تتضاعف عندما نشاركهما مع الأخرين، ولا تستقر إلا في مناخ من حرية وكرامة الانسان والوطن، وفي سبيل ذلك عليكم أن تقبضوا على يومكم ولا تفرطوا في الدقائق، التي قد تمضي هباء من العمر، فهو جد قصير
اتمني للجميع حظا سعيدا